-A +A
فهيم الحامد

لم تدخر القيادة العراقية أي جهد لاستعدادات القمة، فهي من أشهر عدة منهمكة في التحضيرات، من أجل استقبال زعماء الدول العربية اليوم، والتي يؤكد المراقبون أنه لا يرجى منها شيء ولاجدوى من عقدها، لأسباب تم إشباعها كثيرا، من أبرزها انخفاض التمثيل، والتهيئة والاستعداد الضعيف، وحرص حكومة المالكي في تلميعها أكثر من حرصها على تطلعات الشعوب. فضلا عن الخلافات العراقية ــ العراقية ليس فقط حول قضاياهم الداخلية، بل لانعقاد القمة من عدمها.

حكومة المالكي سارت منذ عدة أشهر على محاور مختلفة بهدف عقد القمة تحت أي ظرف من الظروف، حيث كان المحور الأول استجداء قادة الدول العربية للمشاركة لإنجاحها، بالمقابل المضي في سياسة السيطرة والاستحواذ على القرارات الداخلية، وتجاهل الشركاء سواء داخل التحالف أو من خارجه، والمطلوب أولا وأخيرا أن تظهر حكومة المالكي بمظهر القوي للمراقب الخارجي، إذ أن المالكي يريد بعث رسالة للمجتمع الدولي أنه نجح في جمع العرب على أرض العراق.

وأعتقد أن الجميع مع جمع الشمل، وتوحيد الصفوف، وتعزيز العمل العربي المشترك، ولكن هذا لايمكن أن يتم في قمة بغداد التي تفتقد للأجواء الأمنية الطبيعية، وفي نفس الوقت استمرار الأزمات الداخلية وانسداد أفق العملية السياسية، وعدم وجود حتى بصيص نور في نهاية النفق العراقي المظلم، ومواصلة حكومة المالكي التفرد، واحتكار السلطة والقرار، وانتهاج سياسة إقصاء وتهميش السنة.

وأكاد أجزم أن أي دولة عربية ومنذ انطلاق مبدأ دورية القمم، لم تكن لتعقد القمة في ظل التوترات السياسية والإشكاليات الأمنية، فضلا عن جدل الأحزاب الداخلية في جدوى إنعقادها أم لا، ولم يحدث ذلك إلا في العراق الذي تفتح فيه الأبواب على مصراعيها خصوصا في ظل التدخلات الإيرانية. لذا نقول عم يستاءلون.. ونجيب يتساءلون عن جدوى عقد القمة في بغداد، القمة التي من المفترض أن تعالج قضايا الأـمة العربية، في الوقت الذي يحتاح العراق بشدة لمعالجة قضاياه أولا.

كما أننا على يقين أن قادة الدول العربية سيكونون عراقيين أكثر من العراقيين أنفسهم، لأن الشعب العراقي عانى الكثير، ولم يعد يحتمل مزيدا من الحرمان لمتطلبات العيش الكريم.. وأتمنى أخير ألا تكون قمة بغداد قمة التمزق العربي لأن الجسد العربي لم يعد فيه مكان أصلا للتمزق.